المجال الاقتصادي
يعمل الاقتصاد الاردني ضمن محددات تجعل من مهمة تنميته وتطويره تحديا كبيرا ، وتتمثل تلك المحددات في عدد من الامور من اهمها قلة الثروات المعدنية ومصادر الطاقة ، وندرة المياه ، ومحدودية رقعة الارض الصالحة للزراعة ، وتزايد عدد السكان بنسبة عالية وضيق السوق المحلي ، في غياب التطبيق العملي لمفهوم التكامل الاقتصادي العربي – وعدم توافر الاستقرار السياسي في المنطقة ، والتنامي المطرد في اعباء الدفاع الوطني .
وقد ادت محصلة هذه العوائق الى اعتماد الاقتصاد الاردني اعتمادا كبيرا على المساعدات والقروض الخارجية . ومع ذلك حقق الاقتصاد الوطني معدلات نمو ملحوظة ، انعكست اثارها في كثير من المجالات بصور مختلفة .
وكان من الطبيعي ان تتحمل الدولة عبء توفير البنية الاساسية في جميع مناطق المملكة، حين اتسع دور الدولة وازداد دخلها في النشاطات الاقتصادية . ونظرا لغياب سياسة اقتصادية شاملة والافتقار الى الادارة الرشيدة ، وقصور مراقبة الاداء العام مراقبة فعلية ، فقد نمت القطاعات الاقتصادية المختلفة بصورة غير متوازنة ، وتفاوتت الدخول بشكل واضح ، مما ادى الى تقلص الطبقة الوسطى واضعاف دورها الاساسي في بناء الاقتصاد الاردني وتطويره ، كما ساد نمط الاستثمار التفاخري والاستهلاك الترفي في القطاعين العام والخاص ، وتفاقم الهدر في موارد الدولة ، وازداد حجم المديونية العامة زيادة كبيرة ، وانخفضت معدلات نمو الاقتصاد الوطني .
وعلى هذا الاساس ، فان التصور المستقبلي لاقتصاد البلاد وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية لابد ان يرتكز على ما يلي :
قيام النظام الاقتصادي للدولة الاردنية على اساس احترام الملكية الخاصة وتشجيع المبادرة الفردية ، وتأكيد ملكية الدولة للموارد والثروات الطبيعية والمشاريع الاستراتيجية ، وحقها في ادارة تلك الموارد والثروات والمشاريع او الاشراف عليها حسبما تقتضيه المصلحة العامة ، وتنظيم الاقتصاد وتخصيص الموارد وفقا للاولويات الوطنية .
توفر رؤية استراتيجية محددة واضحة المعالم ، تعتمد التنمية المبنية على منهج الاعتماد على الذات ، واطلاق طاقات الابداع من المجتمع ، ووضع العمل والانتاج في مرتبة عالية من نظام القيم الاجتماعية ، واعادة بناء اقتصاد الريف الاردني وتنميته ، وتعبئة الموارد والثروات والقدرات الذاتية وترشيد استغلالها ، والتركيز على تطوير القاعدة الانتاجية الوطنية ، وتحسين مستوى الخدمات ورفع كفاية الادارة العامة ، وتنشيط الرقابة المالية والنوعية .
الاستغلال الامثل لجميع الموارد المتاحة ، واستخدام الوسائل العلمية والتكنولولجية الملائمة لزيادة الانتاجية ، بما يلبي حاجات المواطنين ويوفر فرص العمل لهم ويسهم في زيادة دخولهم وتنويع مصادرها ، ويرفع من مستوى معيشتهم .
الالتزام بمؤسسية القرار الاقتصادي وعلانيته وملاءمته من النواحي القانونية والموضوعية ، والنأي به عن اي تاثيرات مصلحية خاصة او اعتبارات فردية .
اعتماد المعلومات الدقيقة الحديثة ، لانها تشكل قاعدة اساسية في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي ، وعنصرا هاما في عملية اتخاذ القرار ، والعمل على تجميعها وتوثيقها ونشرها دون ارجاء .
تأكيد حق التنظيم النقابي في شتى القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع الزراعي ، والتحديث المستمر لتشريعات العمل والنقابات ، بما يضمن حدا ادنى للاجور ، ويوفر التدريب والتأهيل المستمر للقوى العاملة ، وتنظيم العلاقة بين ارباب العمل والعمال والحكومة ، بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات والادوار .
العمل على توفير فرص العمل لجميع المواطنين ، ووضع السياسات واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتأمين هذا الحق ، من خلال خطط وطنية تعتمد تنمية النشاطات الاقتصادية التي تحقق استيعاب المزيد من الايدي العاملة وتحسين فرص العمل وظروفه وتطوير نظام التعليم باستمرار وربطه بحاجات المجتمع ، واعطاء العمل قيمة اجتماعية متقدمة .
محاربة الفقر ومعالجة آثاره هدف استراتيجي للدولة الاردنية ، ومسؤولية وطنية تستلزم اتاحة فرص العمل للقادرين عليه والباحثين عنه ، واعطاء الاولوية فيه للاردنيين ، وتوخي العدالة في توزيع الخدمات ومشاريع التنمية من الناحية الجغرافية والاجتماعية ، بما يلبي الحاجات الاساسية للمواطن ، ويجعل الفقر حالة استثنائية ، ويحد من تفاقم آثاره السلبية التي قد تصيب الفرد والمجتمع .
الاردنيون في بلدان الاغتراب جزء من البنيان الاجتماعي والاقتصادي للدولة ، مما يتطلب توثيق المعلومات الكاملة عن اوضاعهم ، وتعزيز وسائل الاتصال بهم ، وتقوية عرى ارتباطهم بالوطن ، برعاية مصالحهم في اماكن العمل ،وضمان ممارستهم لحقوق المواطنة وتسهيل السبل التي تتيح لهم الوفاء بالتزاماتهم وواجباتهم نحو الوطن .
المياه عنصر استراتيجي يعتمد عليه مستقبل التنمية في الاردن اعتمادا شديدا ، مما يستوجب تأكيد ملكية الدولة للمياه وسيادتها عليها ، والمحافظة على مصادرها وتنميتها وضمان حسن ادارتها ورفع كفاية خزنها ونقلها وترشيد استعمالاتها ، ضمن سياسات واولويات وطنية واضحة .
العمل على تكامل ادوار القطاعات الاقتصادية من خاص وعام ومختلط وتعاوني ، وتهيئة الظروف الموضوعية لتنمية تلك القطاعات ، والاعتراف بدور كل منها وتقييم ادائه ، وفق اسس اقتصادية واعتبارات اجتماعية ، والعمل على الغاء الاعفاءات المالية الممنوحة للشركات، والمؤسسات العامة التي تعمل على اسس تجاريه بما لا يتعارض مع احكام القانون تشجيع الاستثمار واهدافه .
تحتل الزراعة في الاردن موقعا اساسيا في الاقتصاد الوطني ، مما يفرض على المجتمع الاردني اعطاءها ما تستحقه من اولوية واهتمام ، كما يتطلب تنشيط ادوار المؤسسات الزراعية والعمل على تكامل ادوارها ، ووقف التصحر والزحف العمراني على الرقعة الزراعية ، وتطوير نوعية البحث والارشاد الزراعي وتعميمه ، واعتبار التصنيع الزراعي وتنمية الثروة الحيوانية ، وتوفير مستلزمات الانتاج ، وتطوير وسائل تسويق المنتجات الزراعية ، جزءا رئيسيا من السياسات الوطنية لتحقيق الامن الغذائي .
التركيز على الصناعات الوطنية ذات القيمة المضافة العالية المعتمدة على عناصر الانتاج المحلي ، وتوفير الظروف المناسبة لانشائها والحوافز الضرورية لنموها ، واعتماد مبدا المنافسة بين الصناعات الوطنية المختلفة .
تطوير الخدمات التي تعتمد على الامكانات والخبرات الوطنية وتسويقها باعتبار ان قطاع الخدمات احد الروافد الاساسية للاقتصاد الوطني .
ولما كانت السياحة مصدرا هاما من مصادر الثروة الوطنية ، فان ذلك يتطلب استغلال امكاناتها وضمان تسويقها بتطوير المواقع السياحية والاثرية ، وتشجيع السياحة الداخلية والنشاطات الثقافية ، والفنون الشعبية الاردنية ، ودعم الصناعات والحرف التراثية في جميع مناطق المملكة .
ان نمو الاقتصاد الوطني يتطلب وضوح التشريعات الاقتصادية والمالية وتكاملها ، وتطويرها بما يتناسب والمتغيرات الداخلية والخارجية ، كما يتطلب تشجيع الادخار وتوفير المناخ الملائم للاستثمار وتحفيزه ، وتبسيط الاجراءات .
التشريعات المالية والنظام الضريبي في الدولة وسائل هامة لتطوير الاقتصاد الوطني وتوجيه نشاطاته ، وركن اساسي في التنمية الوطنية المتوازنة ، التي تؤدي الى تضييق الفجوة بين الدخول ، وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ، مما يتطلب استمرار تحديث تلك التشريعات وتوافر المرونة فيها ، لتواكب التطور الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الاردني .
ضبط الاقتراض العام للدولة ومؤسساتها المختلفة وفق اولويات المملكة وحاجاتها الاساسية ، واخضاع القروض الداخلية والخارجية واي قروض اخرى تكلفها الخزينة لموافقة مجلس الامة .
البيئة المتوازنة النظيفة حق من حقوق الانسان ، والحفاظ على البيئة الاردنية وحمايتها من التلوث من اجل اجيال الحاضر والمستقبل مسؤولية وطنية ، تستلزم التعاون الوثيق والتنسيق بين المؤسسات الرسمية والهيئات الاجتماعية المتخصصة ، وتوعية المواطنين لتكوين راي عام بيئي متطور ، وتحقيق درجة عالية من المشاركة والاهتمام العام بقضايا البيئة ومخاطر التلوث بانواعه ، واعتماد السياسات التي تحقق التوازن بين الحفاظ على البيئة والتنمية المستديمة ، ووضع التشريعات والمعايير التي تتسع لمعالجة ما تخلفه بعض مشاريع التنمية من اثار سلبية تفسد البيئة الطبيعية .