العلاقة الاردنية الفلسطينية
ان حقائق العلاقة التاريخية والجغرافية الوثيقة بين الاردن وفلسطين خلال العصور ، وانتماء الاردنيين والفلسطيين القومي وواقعهم الثقافي والحياتي في الحاضر والمستقبل جعلت من هذه العلاقة حالة خاصة متميزة ، تعززها طبيعة الروابط وقوة الوشائج وعمق المصالح المشتركة بينهما ، مما يؤكد ضرورة استمرار هذه العلاقة وتمتينها ، في مواجهة الخطر الصهيوني العنصري الاستعماري ، الذي يهدد وجود امتنا العربية وحضارتها ومقدساتها ، ويستهدف الاردن مثلما استهدف فلسطين .
وفي ضوء هذه الحقائق ينبغي ان تقوم العلاقة الاردنية الفلسطينية على المرتكزات التالية :
اولا : ان الهوية العربية الفلسطينية هوية نضالية سياسية ، وهى ليست في حالة تناقض مع الهوية العربية الاردنية ويجب ان لاتكون ، فالتناقض هو فقط مع المشروع الصهيوني الاستعماري . وكما ان الهوية الوطنية الفلسطينية هى نقيض للمشروع الصهيوني وتكافح من اجل هدمه ، فان الهوية الوطنية الاردنية من هذا المنظور هى ايضا نقيض للمشروع الصهيوني وتحصين للاردن من مخططات الصهيونية ومزاعمها المختلفة . وبهذا المفهوم يصبح الاردن وفلسطين حالة عربية واحدة ، بنضالهما المشترك في التصدي للمخطط الصهيوني التوسعي ورفضهما الحازم لمؤامرة الوطن البديل .
ثانيا : ان انعكاس المتغيرات السياسية على الساحة الدولية والعربية ، وما وقع من تطورات على الساحة الاردنية - الفلسطينية ، تمثلت في قرار فك الارتباط الاداري والقانوني بالضفة الغربية المحتلة ، وموافقة منظمة التحرير الفلسطينية عليه ، وقرار اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، واعتراف الاردن بها ، وما نشأ عن تلك التطورات او بسببها من واقع جديد ، اكد خصوصية العلاقة الاردنية - الفلسطينية وتميزها ، واصبح اساسا لوضع تلك العلاقة في اطارها الصحيح وارسائها على اسس ومرتكزات واضحة .
ثالثا : وعلى هذا الاساس ، فانه لايجوز باي حال من الاحوال ان تفهم العلاقة الاردنية - الفلسطينية او ان تستغل اي حالة فيها من اي طرف وتحت اي ظرف ، لتصبح مدخلا للانتقاص من حقوق المواطنة وواجباتها ، او سببا لاضعاف الدولة الاردنية من الداخل ، وخلق الظروف التي تؤدي الى تمرير المشروع الصهيوني لتحويل الاردن الى بديل عن فلسطين . وبهذا المفهوم يصبح الالتزام بأمن الاردن الوطني والقومي مسؤولية تقع على عاتق المواطنين جميعا ، مثلما يؤكد ذلك نضالهم و تضحياتهم الموصولة في سبيل تحرير فلسطين والحفاظ على الاردن وعروبته .
رابعا : لما كانت العلاقة الوحدوية المستقبلية بين دولتي الاردن وفلسطين مسألة حتمية ، فان اقامة تلك العلاقة وادامتها تقتضي احترام خيارات الاردنيين والفلسطينيين في تحقيق افضل صيغ الوحدة بينهما بما يجعلها نموذجا للوحدة العربية الشاملة .
وانطلاقا من كل ماسبق ، فان الوحدة الوطنية الاردنية هى القاعدة الصلبة التي تقوم عليها العلاقة الوثيقة بين جميع المواطنين في الدولة الاردنية ، كما ان استحالة الفصل على ارض الواقع بين المواطنين من ابناء الشعب العربي الاردني على اختلاف اصولهم يستلزم حماية هذه الوحدة وترسيخها ، بما يعزز منعة الاردن ، ويحفظ امنه الوطني والقومي ، ويحمي جبهته الداخلية ، ويضمن الفرص المتكافئة لجميع المواطنين دون تمييز ، ويصون مصالحهم المشروعة وحقوقهم التي كفلها الدستور .