الخدمات الالكترونية

تؤثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عصرنا الحالي تأثيراً بالغاً في جميع أوجه النشاط البشري ، سواء كان هذا النشاط في مجالات التعليم أم في الخدمات الأخرى التي تقدمها المؤسسات الحكومية والأهلية للمواطنين ، وتسهم بشكل فاعل في تحسين جودة الخدمات المقدمة ، وسرعة تلقيها على شكل خدمات الكترونية ، وتقع الخدمات الإلكترونية وفي مقدمتها التعلم الالكتروني ، وخدمات الحكومة الالكترونية في قمة متطلبات التحول إلى مجتمع المعلومات الذي هيأ واقعه الاجتماعي لنقل تكنولوجيا المعلومات وتسخيرها لخدمته ، ويعد التعليم الالكتروني والحكومة الالكترونية من أهم مستحدثات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وكلاهما يشهدان توسعاً وتطوراً ملحوظاً وتنافساً بين الدول في توفير أفضل السبل للتواصل الالكتروني مع متلقي الخدمات الالكترونية: أينما وجدوا ودون أن يتحملوا أعباء السفر للحضور الشخصي إلى مكان تقديم الخدمة ، بعد أن أصبح بإمكانهم الحصول عليها في أي زمان أو مكان.

التعلم الالكتروني أخذ في الانتشار السريع والتطور الملحوظ بأشكاله ووسائله التي تضمن التواصل مع الطالب بتفاعلية وبطرق متعددة ومتنوعة ، توفر الوقت والجهد وتقلل من كلفة التعليم المتزايدة ، وأصبح هذا التعليم من أهم الوسائل التي تدعم العملية التعليمية التعلمية ، وتحولها من طور التلقين إلى طور التفاعل وتنمية المهارات ، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لجميع الراغبين في التعليم الجامعي خاصة في المناطق النائية وربات البيوت ، كما يعمل على سد النقص في الكوادر التدريسية في بعض التخصصات التي تطرحها الجامعات ، وهو من أهم مظاهر التطور النوعي في التعليم ووسائله الذي يحقق الانتقال بالجامعات إلى مراحل متقدمة في التمييز والإنتاجية التعليمية.

لقد تنامت الاستثمارات في السنوات الأخيرة في سوق التعليم الإلكتروني ، إذ يوجد الآن آلاف المقررات الالكترونية التي تمكن الطالب من الحصول على درجة علمية أو مهنية ، وأسست الجامعات مراكز للتعلم الالكتروني ، وزاد عدد الطلاب الملتحقين به بشكل كبير بعد أن روعيت معايير الجودة في تصميم أنظمة التعليم الالكتروني ، وتم الاعتراف بشهادات المؤسسات التعليمية التي تطرحها. أمّا في الأردن فإن التعلم الالكتروني لا يزال في طور التأسيس ، ويقتصر بشكل رئيسي على إجراء الامتحانات المحوسبة التي تسهل عمل الأستاذ الجامعي في تصحيح أوراق الامتحانات ، وظهرت بعض المبادرات المحدودة من خلال بعض المراكز في الجامعات الأردنية لنقل بعض المحاضرات عن طريق التخاطب الالكتروني ، أو وضع المحاضرات لعدد من المقررات الجامعية على البوابات الالكترونية للجامعات ، وتم إنشاء شبكة للجامعات الأردنية الرسمية ، وربط الجامعات مع بعضها الكترونياً دون أن يكون هناك أي طرح لبرامج أو مقررات الكترونية مشتركة.

الأردن مؤهل لأن يكون مركزاً إقليمياً لبناء مناهج ومقررات تعليمية الكترونية وطرح برامج متميزة في التعلم الالكتروني: لما يتوفر لديه من متطلبات التعلم الالكتروني التي تشمل البنية التحتية الشاملة ووسائل الاتصال السريعة والموارد البشرية المؤهلة ، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع إستراتيجية وطنية محكمة ومتضمنة خطة تنفيذ واقعية ومرحلية ، بعد ضمان التمويل لانجاز نظام وطني للتعلم الالكتروني يقوم على الشراكة الحقيقية بين الجامعات ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشركات تكنولوجيا المعلومات في القطاع الخاص.