تغير المناخ وتأثيره على الزراعة في الاردن

أصدر الأردن التقرير الوطني الخاص بتغير المناخ والذي تضمن دراسات علمية دقيقة ومنهجية ساهمت في تحديد مصادر وكميات انبعاثات غازات الدفيئة وكذلك التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ على الأردن في السنوات القادمة. هذا الجهد قام به مجموعة من الخبراء والباحثين الأردنيين المختصين ونشرته وزارة البيئة من ضمن التزامات الأردن بمتطلبات الاتفاقية الدولية لتغير المناخ والتي سوف تعقد اجتماعها العام الخامس عشر في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن في الشهر القادم.
يبين التقرير الوطني أن الأردن لا يساهم إلا بقدر ضئيل من الغازات المسببة لظاهرة تغير المناخ حيث يصل مستوى الانبعاثات سنويا إلى 20 مليون طن من مكافئ الكربون، وهي نفس كمية الانبعاثات الناتجة عن نشاطات شركة وول مارت الأميركية للبيع بالتجزئة حسب تقرير الشركة في العام 2008. انبعاثات الأردن من الكربون سببها الأساسي قطاع الطاقة والذي يساهم بحوالي 74% ويليه قطاع النفايات بنسبة 13% ومن ثم الصناعة بنسبة لا تتجاوز 9%. وبالرغم من أن الأردن يعتبر قليل المساهمة في ظاهرة تغير المناخ على المستوى العالمي فإنه من الدول الأكثر تضررا من هذه الظاهرة، وتشير الدراسات التي تضمنها التقرير الوطني بأن قطاعي المياه والزراعة سيتعرضان لضغوطات شديدة بسبب تغير المناخ في السنوات القادمة.
خلال السنوات الأ{بعين الماضية أظهرت مقارنات محطات رصد درجات الحرارة في الأردن إلى زيادة بنسب تتراوح ما بين 0.4 و 2.8 درجات مئوية في كافة محطات الرصد مما يشير إلى حدوث زيادة فعلية في درجات الحرارة نتيجة لظاهرة تغير المناخ التي تأثرت بها الكرة الأرضية بشكل عام، وفي الأردن بالذات فإن هذه التأثيرات سوف تصيب بشكل اساسي قطاعات الزراعة والمياه والصحة العامة.
في الدراسة الوطنية تم تقصي أثر سيناريوهات تغير المناخ في المستقبل على قطاع الزراعة حيث ظهر وجود تأثير كبير على الزراعة البعلية وخاصة ما تبقى من زراعة محصول القمح في المناطق الجبلية كما أن قطاع إدارة المواشي سوف يتأثر أيضا بالتراجع المتوقع في هطول الأمطار وخاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.
أما في قطاع المياه فمن المتوقع أن يكون أثر تغير المناخ شديدا نتيجة الانخفاض المتوقع في نسبة هطول الأمطار (تقريبا 20%) والتغيرات الزمانية والمكانية في نوعية هطول الأمطار وهذا ما سوف يؤثر بشكل رئيسي على كميات الجريان السطحي وتغذية المياه الجوفية. وفي قطاع الصحة العامة من المتوقع أن تؤدي حالات ارتفاع درجات الحرارة إلى تاثيرات على صحة الإنسان ومنها الطفح الجلدي والجفاف واعتام عدسات العين وتعرض كبار السن للإجهاد من درجات الحرارة وزيادة نسبة الامراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا وكذلك الامراض المنقولة من قبل الكائنات الحية.
من المتوقع أن لا تنجح دول العالم في الوصول إلى اتفاق حول تخفيض انبعاثات الكربون في قمة كوبنهاجن، وحتى في حال التوصل إلى اتفاق فإن كميات الكربون الموجودة في الجو حاليا ومنذ العقود الماضية سوف تستمر في إحداث التأثيرات السلبية مما يجعل الأردن مطالبا بتضمين الآثار المتوقعة عن تغير المناخ في كافة السياسات والمشاريع التنموية والقطاعية وهذا ما يسمى "التكيف" مع تغير المناخ ولكن ذلك سوف يحتاج إلى رؤية سياسية واقتصادية بعيدة الأمد من أجل التخطيط المسبق وكذلك دراسات علمية دقيقة تحدد السيناريوهات المتوقعة من أجل التوصل إلى أفضل الخيارات الممكنة وفق الموارد المتاحة من أجل التقليل من الآثار السلبية شبه الحتمية لظاهرة تغير المناخ على الأردن