حفلت مسيرة التعليم في الاردن منذ عهد الاستقلال بقفزات تنموية كبيره ونقلة نوعية طالت كافة الجوانب التربوية التعليمية التعليمية وتخللت مسيرة الاستقلال محطات مضيئة في مجال التعليم نقلت الاردن الى مراحل متقدمة من التطور والتحديث جعلته في مصاف الدول المتقدمة.
وتزخر ذاكرة الوطن والانسان ما سجله التاريخ في عهد الاستقلال من محطات مضيئة في تطور التعليم بداية من طرق التدريس وتوفير البيئة المدرسة ومحو الامية وصولا الى جيل قادر على التعامل مع معطيات عصر التكنولوجيا وتوظيف التكنولوجيا. ورغم ما تحقق من انجازات ماثلة للعيان الا ان الامل والتطلع يحذونا الى مزيد من القفزات النوعية والمحطات المضيئية حسب ذاكرة من له باع وخبرة واهتمام بواقع التعليم في الاردن.
بدوره رئيس اللجنة الملكية للتعليم العام الدكتور مروان كمال قال لا تزال مسيرة التعليم في الأردن في تطور مستمر ومراجعة دائمة ، ذلك أن التعليم مرتبط بالتغيرات العلمية وتطوراته عبر الزمن ، وليس هناك مقولات ثابتة لا نهائية تحكم تلك العملية ، وقد شهد التعليم في الأردن منذ تأسيس المملكة تطورا ملحوظا في كل المستويات ، وزاد التركيز على تطوير الجوانب النوعية ، وشمل ذلك تطوير المناهج وتعميم تقنيات المعلومات والتوسع في التعليم قبل المدرسة وزيادة العناية بالطفولة المبكرة وتدريب المعلمين ورفع كفاءتهم وتطوير معايير الاعتماد والجودة في مؤسسات التعليم العالي ، كما زادت العناية بوضع خطط تطويرية مهمة للنهوض بالتعليم المهني والتقني.
وتظهر عملية التطور تلك في كثير من الحقائق الملموسة ، على أرض الواقع ، من أهمها أن نسبة الأمية قد انخفضت إلى حوالي 7 بالمئة فقط ، وهي تنحصر في الفئات العمرية التي تتجاوز الخمسين عاما ، كما تحققت المساواة في نسب التحاق الذكور والإناث في المراحل التعليمية المختلفة ، وتم تعميم إلزامية التعليم للفئات العمرية من 6 - 16 عاما بنسبة تتجاوز تسعين بالمئة ، ولا ننسى ارتفاع عدد الملتحقين بمؤسسات التعليم المختلفة ، حيث وصل إلى ما يقارب مليوني طالب ، في مرحلتي التعليم والتعليم العالي ، كما أصبحت ممارسة مهنة التعليم مرتبطة بالإعداد والتأهيل الجامعي وبلغ ما ينفق على التعليم حوالي 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي من النسب العالية على المستوى العالمي.
وإذا قدر لنا أن نرصد التغيرات التي حدثت في العملية التعليمية عبر القرون الماضية وإلى يومنا هذا لوجدنا أن عهد الاستقلال قد شهد تطورات نوعية في تلك المسيرة ، حيث تشير الدراسات إلى أن مرحلة الخمسينات ، قد جعلت التعليم لكل الناس ونقلته من النخبوية إلى الشعبية ، وتم التركيز على النوعية الأكاديمية والمعرفية ، وتوجهت الجهود نحو استقرار السلم التعليمي ، وصدر قانون المعارف رقم (20) لسنة 1955 الذي أصبح بموجبه التعليم إلزاميا حتى الصف السادس الابتدائي ، وفي الستينات توسع التعليم وانتشر في الأرياف والمدن ، وصدر قانون التربية التعلـيم رقم (16) لسنة 1964 ، الذي أصبح بموجبه الـتعليم الإلزامي المجاني لمدة تسع سنوات ، وكان لذلك القانون الأثر في إحداث نقلة نوعية ، وأوجد نهجاً تخصصيا للمشروع التربوي وساهم في تطوير آفاقه المستقبلية ، وفي عقد السبعينات تم العمل من أجل تحقيق إلزامية التعليم وربطه بحاجات المجتمع وتأهيل المعلمين وتدريبهم ، كما سعت البرامج لتطوير فعالية الإشراف التربوي باعتماده على أسس نظرية علمية متطورة ، أما في الثمانينات ، فقد تم ربط الخطط التربوية وبرامجها المختلفة بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتوسع في مجال التقنيات التربوية ، وتطبيق مفهوم اللامركزية في الإدارة التربوية واتخاذ القرار ، كما كان من أبرز الأعمال عقد المؤتمر الوطني الأول عام 1987 وصدور القانون المؤقت رقم (27) لسنة 1988 ، حيث تم تطبيق بنية جديدة للتعليم تقوم على تعديل مرحلة التعليم الأساسي بحيث أصبحت مدتها 10 ، بدلا من 9 ، كما تم تعديل مرحلة التعليم الثانوي بحيث أصبحت مدتها سنتين بدلا من ثلاث سنوات وتفرعت إلى التعليم الثانوي الشامل والتطبيقي. وفي التسعينات وما بعدها نظر إلى عملية التطوير التربوي على أنها عملية متكاملة بكل أبعادها ، والاهتمام بمدخلاتها ومخرجاتها فصدر قانون التربية والتعليم رقم (3) لسنة 1994 ، والذي تضمن تنفيذ المرحلة الأولى من خطة التطوير التربوي 1988( - )1995 ، وانصب التركيز في هذه المرحلة بصورة أساسية على تطوير الجانب الكمي ، مع عدم إهمال الجانب النوعي ، ثم جاء تنفيذ المرحلة الثانية ( 1996 - )1999 ، والتي سعت إلى تطوير البعد النوعي للنظام التربوي من خلال تطوير التسهيلات التربوية ، مع مواصلة تنفيذ برامج المرحلة الأولى ، وأضيف إليها تنفيذ عملية تقييم عام 2000 لجهود المؤسسات التعليمية وجاهزيتها ، كما تركزت الجهود على إعداد الخطة الخمسية لقطاع التربية والتدريب للأعوام 1999( - 2003).
ولا يخفى على أحد النمو المطرد في أعداد المدارس والمعلمين والإداريين والتربويين ، بالإضافة إلى عدد الجامعات واستيعابها للطلبة في كافة التخصصات ، وكل ذلك ناتج عن رؤية نحو المستقبل لاستكمال مجتمع المعرفة القادر على مواكبة التسارع العلمي والتقني الذي يشهده العالم اليوم ، إلا أن الأمل يبقى يحدونا لمزيد من المراجعات الحثيثة للمسيرة من أجل الوصول إلى ما هو أفضل للوطن والمجتمع ، وذلك بمعرفة التحديات ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة ، إذ إن هناك حاجة إلى النهوض بنوعية نواتج ومخرجات النظام التعليمي وجودته من ناحية وموافقة هذه النواتج لمتطلبات التنمية وحاجات سوق العمل من ناحية أخرى ، وذلك لتحقيق الهدف الأكبر المتمثل في مساهمة التعليم مساهمة فاعلة في التنمية البشرية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحد من البطالة والفقر ومواكبة التطورات العالمية ، وبخاصة في مجالات العلم والتكنولوجيا والاقتصاد المعرفي ، وتطوير قدرات الإنسان ، وتنمية اتجاهاته نحو الإبداع والابتكار.
أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية الدكتور سامي المجالي قال يفخر الأردنيون في الذكرى الرابعة والستين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية بما تحقق على ثرى الأردن من منجزات وما حفظه التاريخ في السطور والرجال في الصدور من مجد تليد وعزم أكيد على العروج بالوطن الى مصاف الدول المتقدمة رغم شح الإمكانات ومحدودية المصادر. وقد مكّنت القيادة الهاشمية الحكيمة بما تتمتع به من رؤية ثاقبة وخطى ثابتة وسواعد بانية الأردن من النهوض وتوظيف رأس المال الأردني المتمثل في الإنسان الأردني لتحقيق التنمية المستدامة التي تعتمد على الاستثمار في الإنسان مصدر ثروة الأردن الحقيقية ، انطلاقاً من ايمان الهواشم بقدرة الموارد البشرية الأردنية على تحقيق الطموحات وتلبية التطلعات رغم شح الموارد المالية والثروات الاقتصادية ، لان الاستقلال كما قال صاحب الجلالة الهاشمية "هو مسيرة من الإنجازات الوطنية التي تعزز مفهوم السيادة الشاملة ، وحرية الإرادة ، واتخاذ القرار الوطني الحر".
وما زال الهاشميون منذ فجر تاريخ الأردن عناوين بارزة للإنجاز ورايات خفاقة ترفرف في فضاءات من الحرية والعزة والكرامة ، منذ رصاصة الشريف الحسين بن علي الأولى وثورة العرب الكبرى ، مروراً بتأسيس الملك المؤسس إمارة شرق الأردن واستقلال المملكة التي كبرت وترعرعت تحت راية الملك طلال بن عبدالله وانطلق في ظله الدستور الأردني ، الذي أقسم الحسين الراحل العظيم على صونه والعمل به ، ليرث الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم رسالة الآباء والأجداد ويبني على البنيان وعايش الأردنيون معه مسيرة التربية والتنمية والتمكين والتعليم والإصلاح الذي امتد ليشمل كافة المجالات الإنسانية ومختلف القطاعات الخدمية والتنموية بكافة أشكالها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية ، وبات الأردن مناخاً خصباً للاستثمارات والمناطق الاقتصادية والمدن الصناعية والتشريعات الناظمة لخطط التطوير والنهوض الوطني ، وجاءت المكرمات الهاشمية لتجذر ايمان المواطن بحرص الإرادة السياسية على تحسين مستواه المعيشي وتحقيق الرفاه الاجتماعي للأسر العفيفة بمختلف الأشكال التي لا تبدأ بسكن كريم ولا تنتهي بقوافل الخير الهاشمية وصندوق المعونة الوطنية ومختلف المؤسسات الاجتماعية التنموية ، وكان للثقافة والصحة والاستطباب مكانها على خارطة الاهتمام الهاشمي وللتعليم العام والتعليم العالي حضوره في وجدان قائد المسيرة .
حظي قطاع التعليم بالرعاية الملكية الدؤوبة بيئات تعليمية ومناخات صفية وكوادر تعليمية ومناهج وأساليب تدريس ، حيث أولى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين البيئة التربوية بمفهومها الشامل جل اهتمامه ، ووجّه لاستدامتها والنهوض بها قوافل من المكرمات الملكية ، التي تستهدف المعلم والطالب والأسرة ، وهو ما أكده جلالته في الرسالة الملكية السامية مطلع العام الدراسي الحالي بقول جلالته: "أما المعلم فسيظل يحظى برعايتنا واهتمامنا لأنه أساس العملية التربوية الناجحة". وعطفت جلالة الملكة رانيا العبد الله على جهود جلالته جهوداً ملكية كبيرة بما يبشّر بعودة زمن المعلم الذي أكدته جلالتها ، تمثلت هذه الجهود في إطلاق جائزة الملكة رانيا العبد الله للمعلم المتميز ، التي جاءت لتوثق للإبداع وتحفز العطاء وتجذّر ثقافة التميز ، واتسعت دائرة المشاركة فيها سعياً لشمول مختلف عناصر البيئة التربوية ، بالإضافة إلى المعلم والمدير المتميزين ، مثلما شملت مبادرة مدرستي مختلف الأبنية المدرسية بالصيانة والتجديد والتحديث والتطوير. وجاءت أكاديمية الملكة رانيا للتدريب تشكل مشعلاً تربوياً جديداً للاستثمار في المعلم باعتبار الاستثمار في التعليم استثمار في حاضر الوطن ومستقبله ، لأننا كلما اعددنا طالباً او معلماً للحياة ، اعددنا مجتمعاً بأكمله لها. فقد خطا الأردن خطوات واسعة في قطاع التعليم نحو الاقتصاد المعرفي والتطوير والتنمية ، وحظي بفيض من المكرمات الهاشمية. فللطلبة حقائب ومعاطف ورسائل ملكية وبرامج صحية وتغذوية ، وللمدارس مبادرات ومدافئ ومختبرات ، وللمعلم مكرمات وحوافز وعلاوات تأكيداً حقيقياً لحرص الحكومة على تنفيذ رؤى القيادة الهاشمية الرامية لرفع مستوى معيشة المعلم ، وتوفير الحياة الكريمة له.